أسباب ألم أسفل الظهر عند النساء

ألم أسفل الظهر من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا التي تعاني منها النساء، ويُعتبر من أكثر الأسباب التي تدفعهن لزيارة الأطباء والمراكز الصحية. يختلف ألم أسفل الظهر في شدته وأسبابه باختلاف الظروف الصحية والبيولوجية والاجتماعية التي تمر بها المرأة، وهذا الألم قد يكون عرضًا لمجموعة واسعة من الحالات المرضية أو نتيجة لعوامل ميكانيكية أو هرمونية أو نفسية. يتطلب فهم أسباب ألم أسفل الظهر عند النساء دراسة متعمقة تشمل الجوانب التشريحية، الفسيولوجية، الهرمونية، بالإضافة إلى العوامل النفسية والاجتماعية التي تلعب دورًا مؤثرًا في ظهور هذا الألم.

التشريح ووظيفة أسفل الظهر عند النساء

العمود الفقري هو الهيكل العظمي الذي يدعم الجسم ويمنحه القدرة على الحركة والمرونة، ويتكون من عدة فقرات تتوزع بين الفقرات العنقية والصدرية والقطنية والعجزية والعصعصية. منطقة أسفل الظهر أو المنطقة القطنية (Lumbar region) تحتوي على خمس فقرات قطنية، وهي أكثر عرضة للإصابة والضغط بسبب تحملها وزن الجسم أثناء الحركة والوقوف.

العضلات، الأربطة، والأقراص بين الفقرات تعمل معًا لتوفير الاستقرار والدعم للعمود الفقري، وأي خلل في هذه المكونات يمكن أن يؤدي إلى ألم مزمن أو حاد في أسفل الظهر. عند النساء، هناك عوامل خاصة تؤثر على هذه المنطقة بسبب الاختلافات التشريحية والهرمونية مثل توسع الحوض، التغيرات الهرمونية الدورية، والحمل.

الأسباب الميكانيكية لألم أسفل الظهر عند النساء

1. الإجهاد العضلي والإصابات

الإجهاد العضلي هو السبب الأكثر شيوعًا لألم أسفل الظهر، وينجم عن إجهاد العضلات والأربطة نتيجة لحركات خاطئة، حمل أوزان ثقيلة، أو الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة في وضعية غير صحيحة. النساء اللاتي يزاولن أعمالًا منزلية أو مهنية تتطلب انحناءات متكررة أو حمل أشياء قد يصبن بهذا النوع من الألم بسهولة.

2. الانزلاق الغضروفي

الانزلاق الغضروفي (Herniated Disc) يحدث عندما ينزلق أحد الأقراص بين الفقرات من مكانه، مما يضغط على الأعصاب المحيطة. هذا الانزلاق يسبب ألمًا شديدًا يمتد أحيانًا إلى الساقين ويصاحبه تنميل وضعف في الأطراف. النساء معرضات لهذا المرض بسبب الحمل أو زيادة الوزن أو ضعف العضلات الداعمة للعمود الفقري.

3. التهاب المفاصل والتغيرات التنكسية

التهاب المفاصل التنكسي، مثل التهاب المفاصل الفقاري (Osteoarthritis)، يسبب تآكل الغضاريف بين الفقرات مما يؤدي إلى ألم مزمن في أسفل الظهر مع التيبس وصعوبة الحركة. تزداد نسبة الإصابة به مع التقدم في العمر وخاصة بعد سن اليأس عند النساء نتيجة انخفاض إنتاج هرمون الإستروجين.

4. تشوهات العمود الفقري

تشوهات مثل الجنف (انحناء العمود الفقري جانبياً) أو اللوردوز المفرط (انحناء أمامي زائد في الفقرات القطنية) تؤدي إلى توزيع غير متوازن للوزن والضغط على فقرات وأسفل الظهر، مسببةً الألم. هذه التشوهات قد تكون خلقية أو مكتسبة وتؤثر بشكل كبير على النساء بسبب تغيرات الحوض وتوزيع الوزن.

الأسباب الهرمونية والنفسية لألم أسفل الظهر عند النساء

1. تأثير التغيرات الهرمونية

هرمونات الأنثى، وخاصة هرمون الإستروجين والبروجستيرون، تلعب دورًا كبيرًا في مرونة الأربطة والعضلات. خلال فترات الدورة الشهرية، الحمل، والرضاعة، تحدث تقلبات هرمونية تؤثر على الجهاز العضلي الهيكلي وتزيد من احتمالية الشعور بالألم في منطقة أسفل الظهر. عند انقطاع الطمث، ينخفض هرمون الإستروجين مما يزيد من احتمالية الإصابة بهشاشة العظام والتهاب المفاصل.

2. ألم الحيض وأمراض الرحم

النساء اللاتي يعانين من عسر الطمث (Dysmenorrhea) أو التهاب بطانة الرحم (Endometriosis) يعانين غالبًا من ألم يمتد إلى منطقة أسفل الظهر. هذا الألم يكون مرتبطًا بتقلصات عضلات الرحم والأعصاب المحيطة، وقد يكون شديدًا ويؤثر على جودة الحياة.

3. الحمل

أثناء الحمل، يحدث تمدد في الأربطة الخاصة بالحوض وكذلك زيادة في الوزن وحركة مركز الثقل للجسم، مما يؤدي إلى إجهاد كبير على عضلات وأسفل الظهر. يزداد الألم تدريجيًا مع تقدم الحمل، ويعتبر من أكثر أسباب ألم أسفل الظهر شيوعًا عند النساء في هذه المرحلة.

4. العوامل النفسية والتوتر

التوتر النفسي والضغط العصبي يؤثران بشكل مباشر على توتر العضلات، وخاصة عضلات أسفل الظهر، مما يسبب أو يزيد من حدة الألم. النساء أكثر عرضة للتأثر بهذه العوامل بسبب الضغوط الاجتماعية، المهنية، والأسرية.

الأسباب الطبية لألم أسفل الظهر عند النساء

1. أمراض الجهاز التناسلي

بعض أمراض الجهاز التناسلي مثل الأورام الليفية في الرحم، تكيسات المبيض، والتهابات الحوض قد تسبب ألمًا يشع إلى منطقة أسفل الظهر. هذه الحالات غالبًا ما تترافق مع أعراض أخرى مثل النزيف الغير طبيعي أو تغيرات في الدورة الشهرية.

2. التهاب المسالك البولية وحصى الكلى

النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المسالك البولية بسبب قصر الإحليل، ويؤدي التهاب المثانة أو الكلى إلى ألم أسفل الظهر، خاصة إذا كان الالتهاب يشمل الحويصلات الكلوية أو وجود حصوات.

3. هشاشة العظام

تحدث هشاشة العظام نتيجة فقدان كثافة العظام وزيادة هشاشتها، وهو أكثر شيوعًا عند النساء بعد انقطاع الطمث. هشاشة العظام تسبب كسورًا صغيرة في فقرات العمود الفقري تؤدي إلى ألم مزمن في الظهر وصعوبة في الحركة.

4. أمراض مزمنة أخرى

بعض الأمراض المزمنة مثل التهابات المفاصل الروماتويدي، أمراض الكلى المزمنة، والسرطانات قد تسبب ألمًا في أسفل الظهر، وهذا الألم غالبًا ما يكون مستمرًا ويزداد سوءًا مع مرور الوقت.

العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بألم أسفل الظهر عند النساء

• زيادة الوزن: الوزن الزائد يسبب ضغطًا إضافيًا على الفقرات والعضلات.

• قلة النشاط البدني: ضعف العضلات الداعمة للعمود الفقري يزيد من فرصة الإصابة بالألم.

• العوامل الوراثية: بعض الأمراض مثل هشاشة العظام أو تشوهات العمود الفقري قد تكون وراثية.

• الأحذية غير المناسبة: ارتداء أحذية عالية الكعب أو غير مريحة يؤثر على التوازن والحركة، مما يسبب إجهادًا في الظهر.

• التدخين: التدخين يؤثر على الدورة الدموية ويقلل من تغذية الأنسجة، مما يزيد من احتمالية تلف الأقراص بين الفقرات.

طرق التشخيص

يبدأ التشخيص عادة بالتاريخ المرضي والفحص السريري، حيث يقوم الطبيب بسؤال المريضة عن طبيعة الألم ومدته والعوامل المصاحبة له. بعد ذلك يمكن اللجوء إلى الفحوصات التصويرية مثل الأشعة السينية، الرنين المغناطيسي (MRI)، أو الأشعة المقطعية (CT scan) لتحديد سبب الألم بدقة.

كما يمكن إجراء تحاليل دم لاستبعاد وجود التهابات أو أمراض مزمنة.

طرق العلاج

العلاج الدوائي

• مسكنات الألم مثل الباراسيتامول أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).

• في حالات معينة، قد يُستخدم مرخيات العضلات أو الأدوية المضادة للتشنج.

• العلاج الهرموني في حالات اضطرابات الطمث أو انقطاع الطمث.

العلاج الطبيعي

يُعتبر العلاج الطبيعي من الأساليب الأساسية في علاج ألم أسفل الظهر، حيث يشمل تمارين تقوية عضلات الظهر والبطن، تحسين الوضعية، وتقنيات التدليك والحرارة.

التدخل الجراحي

نادراً ما يلجأ الأطباء للجراحة إلا في الحالات الشديدة مثل الانزلاق الغضروفي الذي يسبب ضغطًا على الأعصاب أو التشوهات الهيكلية الكبيرة.

العلاج النفسي

في حالات الألم المزمن المرتبط بالعوامل النفسية، يُستخدم العلاج النفسي وتقنيات الاسترخاء لتحسين الحالة.

الجدول التالي يوضح مقارنة بين بعض أسباب ألم أسفل الظهر عند النساء وخصائصها الأساسية:

الخلاصة

ألم أسفل الظهر عند النساء مشكلة صحية متعددة الأسباب تتراوح بين أسباب ميكانيكية، هرمونية، نفسية وطبية. تشخيص هذه الحالة بشكل دقيق يتطلب دراسة شاملة لتاريخ المريضة وأعراضها، مع الفحص السريري والاختبارات المناسبة. العلاج يعتمد على السبب الكامن ويتطلب توازناً بين الأدوية، العلاج الطبيعي، أحياناً التدخل الجراحي، ومراعاة العوامل النفسية التي قد تؤثر على شدة الألم واستمراريته. الوقاية من ألم أسفل الظهر تتطلب المحافظة على وزن صحي، ممارسة الرياضة بانتظام، الانتباه إلى الوضعية الصحيحة، والابتعاد عن العوامل المسببة للإجهاد العضلي أو اضطراب الهرمونات.

المراجع:

1. Mayo Clinic. Low Back Pain Causes.

2. National Institute of Arthritis and Musculoskeletal and Skin Diseases (NIAMS). Back Pain in Women.